خلال جلسة عقدها ائتلاف أمان حول فاعلية منظومة المساءلة على المؤسسات التابعة لسيادة الرئيس:
دون انتخابات تعيد تفعيل منظومة المساءلة والمحاسبة.. ستبقى هذه المنظومة بدون فاعلية
رام الله- عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) جلسة نقاش لمسودة تقرير بعنوان: " واقع فاعلية منظومة المساءلة على المؤسسات التي تم اتباعها لسيادة الرئيس الفلسطيني"، وذلك بمشاركة ديوان الرقابة المالية والإدارية والامانة العامة لمجلس الوزراء وممثلين عن مؤسسات تتبع لسيادة الرئيس، وعدد من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية.
استهلت الجلسة بكلمة من عصام حج حسين، المدير التنفيذي لائتلاف أمان، والذي وضح هدف التقرير، منوها أنه لا يتعلق بتقييم أداء المؤسسات، وإنما بفحص آليات وأدوات وفاعلية المساءلة لمسؤولي المؤسسات العامة التابعة لمكتب الرئيس، وذلك من أجل تقديم توصيات عملية لتفعيل أدوات المساءلة الرسمية على أعمال المسؤولين فيها.
المشرع الفلسطيني أدرك أهمية الفصل بين السلطات الثلاث وفي المهام والصلاحيات
وأكمل حج حسين أن المشرع الفلسطيني أدرك أهمية الفصل المتوازن بين السلطات الثلاث وبين المهام والصلاحيات داخل كل سلطة، بما فيها صلاحيات ومهام كل من الرئيس ومجلس الوزراء. كما أكد أن المساءلة ليست محصورة في تقديم المؤسسات لتقاريرها السنوية لسيادة الرئيس، بل في متابعة هذه التقارير بفاعلية وإخضاع مسؤولي هذه المؤسسات للمساءلة والمحاسبة في حال ظهرت تجاوزات في أدائها والعمل على تقديم معالجات بشأنها تعمل على إحداث تغيير نحو الأفضل. وأشار حج حسين في حديثه الى أهمية الاطلاع على تقارير متابعة التوصيات الصادرة عن ديوان الرقابة المالية والإدارية حول مدى الالتزام بتنفيذ توصيات التقارير الرقابية للديوان، خاصة في ظل عدم وجود مساءلة حقيقية تتمثل في غياب المجلس التشريعي.
هناك 39 مؤسسة وهيئة عامة تابعة للسيد الرئيس
عرض الباحث علاء اللحلوح استخلاصات وتوصيات التقرير الذي أعده لصالح أمان، مقرا بوجود 39 مؤسسة وهيئة عامـة (تتنوع بين مؤسسات وهيئات حكومية ترتبط بالسلطة الفلسطينية، ومنها ما يرتبط بمنظمة التحرير الفلسطينية، ومؤسسات أهلية غير ربحية، وشركة مساهمة خصوصية) تم اتباعها لسيادة الرئيس في ظروف وسياقات مختلفة، حيث تم إنشاء بعضها بموجب مراسـيم أو قـرارات رئاسـية وبعضها مؤسسات تم انشاؤها أو اتباعها للرئيس بصفته رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وبغض النظر عن كونها تتلقــى موازنتها مــن الخزينة العامــة للســلطة الوطنيــة، ويعتبـر غالبية موظفوهــا موظفــين عموميــن وفقاً لقانون الخدمة المدنية.
واعتمد اللحلوح في التقرير على تعريف للمساءلة، بتعريفه أنها واجب على المسؤولين عن الوظائف العامة تقديم تقارير دورية حول سير العمل في المؤسسة، بشكل يتم فيه توضيح قراراتهم وتفسير سياساتهم، والاستعداد لتحمل المسؤوليات المترتبة على هذه القرارات، والالتزام بتقديم تقارير عن سير العمل في مؤسستهم.
حالة من عدم الوضوح تكتنف آلية مساءلة المؤسسات التابعة للرئيس
وضح التقرير المفارقة بين المؤسسات التابعة لمجلس الوزراء، والتي تخضع مسؤوليتها للإشراف والمتابعة من قبل مجلس الوزراء أو من خلال الوزراء ذوي العلاقة، حيث يتم تقديم التقارير المعدة من قبل المسؤول الأول فيها لرئيس الوزراء الذي يناقشها في مجلس الوزراء، في حين بقيت حالة من الغموض حول آلية المساءلة الفعالة لمسؤولي المؤسسات التي تم اتباعها للرئيس من حيث الإشراف والتوجيه ومراجعة أعمالها وتقاريرها، ومدى فعالية هذه المساءلة، إن وجدت، خاصة في غياب المجلس التشريعي.
عدم وجود معايير واضحة لتحديد تبعية هذه المؤسسة للحكومة أو للرئاسة
في حين أجمل اللحلوح في عرضه أنه لا يوجد معيار محدد لتحديد تبعية هذه المؤسسة للحكومة أو للرئاسة أو لمنظمة التحرير الفلسطينية، كما لا يوجد مبرر لوجود هذا العدد الكبير من المؤسسات لتتبع مكتب الرئيس، حيث تتقاطع العديد من مهام هذه المؤسسات مع مؤسسات أو وزارات اخرى يمكن دمجها معها او الغاؤها لعدم تقديمها خدمات ملموسة للمواطنين.
أظهر التقرير أنّ (13) مؤسسة من أصل 39 تتبع للرئيس لا تملك موقعا الكترونيا لنشر المعلومات الخاصة بها، كما أظهر البحث أنّ 5 مؤسسات فقط تقوم بنشر تقريرها السنوي على موقعها الإلكتروني، ولا تتوفر معلومات ان كانت المؤسسات الاخرى تعد تقاريرا سنويا بالفعل، كما أظهرت التقارير الرقابية المختلفة أنّ 8 مؤسسات فقط من أصل (39 مؤسسة) لديها وحدات شكاوى، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول كفاءة نظام المساءلة من قبل الرئاسة على أداء هذه المؤسسات.
هذا بالاضافة الى عدم وجود جسم إداري متخصص لمساعدة الرئيس في متابعة هذه المؤسسات التي تنتشر في داخل الوطن وخارجه، وإنما يكتفي بما تقوم به الأجهزة الرقابية الأخرى وخاصة ديوان الرقابة المالية والإدارية وديوان المظالم وسلطة النقد وهيئة مكافحة الفساد.
وأشار التقرير في متنه أن الرئيس غالباً ما يأتي رده بالشكر لهذه الهيئات والمؤسسات على جهودهم المبذولة عند استلام تقاريرها، دون وضوح إجراءات مساءلة مسؤولي هذه المؤسسات في حال التقصير.
إياد تيم: تقارير الديوان وسلطة النقد وديوان المظالم تقدم للرئيس واقع الحريات والأداء المالي والاقتصادي
وأشار سعادة المستشار إياد تيم، رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية الى أن عدد مراكز المسؤولية الخاضعة للرقابة من قبل الديوان يفوق حجم الكادر، والذي لا يزيد عن 140 موظف، 100 مدقق. وأكد تيم أن دور الديوان هو تقديم توصيات لتطوير عمل المؤسسات.
وأشار تيم أن بعض المؤسسات تم اتباعها للرئيس لأغراض تتعلق بالواقع السياسي كهيئة الشؤون المدنية وغيرها، مشيرا أن جميع مؤسسات الدولة تعمل تحت الاحتلال الذي يعيق عملها ويحد من صلاحياتها على الأرض، ومؤكدا أن المؤسسات التابعة للرئيس لا تملك حصانة من رقابة الديوان، ولا يوجد حصانات لأي من المسؤولين سوى ما نص عليه القانون كالقضاة والدبلوماسيين.
كما أشار أن تقارير ديوان الرقابة المالية والادارية هي ليست تقارير انشطة وانما توصيف لواقع الاداء المالي في الدولة وتقدم توصيات على ضوء التشخيص لتحسين الواقع، وهو الامر الذي ينطبق على تقارير ديوان المظالم الذي يقدم توصيفا لواقع الحريات والحقوق وما يلزم من اجراءات لتصويب اية تجاوزات. بينما تقارير سلطة النقد تقدم توصيفا لواقع الاقتصاد وتوصيات للنهوض بالاقتصاد الوطني. هذه التقارير في مضمونها رسالة للرئيس حول التحديات التي تواجه الدولة في هذه الجوانب وما الواجب عمله بحكم صلاحياته ومهامه وخصوصا في ظل عدم وجود مجلس تشريعي لمتابعة تنفيذ توصيات هذه التقارير.
أثنى تيم على توصية أساسية في التقرير مفادها بأهمية دراسة حالة كل مؤسسة من حيث إمكانية الالغاء او الدمج مع مؤسسات أخرى شبيهة أو الابقاء، خاصة في حال كان هناك مؤسسات وزارية تقوم بمهام تتقاطع وتتشابه مع وزارات اختصاص.
جفال: مؤسسة ديوان الرئاسة هي مؤسسة تساعد الرئيس في تنفيذ اختصاصاته
وبدوره، أكد جفال جفال، مدير عام ديوان الرقابة المالية والادارية على ضرورة توضيح مفهوم المساءلة من جهة، والتفرقة بين مهام ديوان الرئاسة ومهام وصلاحيات الرئيس من جهة أخرى. مشيرا الى أن مؤسسة ديوان الرئاسة هي مؤسسة تساعد الرئيس في تنفيذ اختصاصاته وليس من مهامها الرقابة على أداء المؤسسات التي تتبع الرئيس، حيث أن المؤسسات الرقابية كالديوان وسلطة النقد هي اذرع للرئيس للرقابة على المؤسسات كافة بما فيها تلك التي تم اتباعها لسيادة الرئيس بشكل مباشر.
ضراغمة: الامانة العامة لمجلس الوزراء تعمل على تطوير مؤشرات تربط الاداء بالجودة
أكدت السيدة شادية ضراغمة، أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء قد بدأت منذ سنوات بدراسة حالات المؤسسات العامة غير الوزارية وفحص إمكانيات الدمج أو الالغاء حسب المصلحة العامة، إضافة الى العمل على تطوير مؤشرات قياس الأداء وربطه بوحدات الجودة لفحص مدى النتائج المتحققة من عمل المؤسسات على المدى المتوسط والبعيد، كما أشارت الى أهمية تقديم توصيات عملية مباشرة تساهم في الجهد الذي تقوم به الأمانة العامة.
دون انتخابات تعيد تفعيل منظومة المساءلة والمحاسبة ستبقى هذه المنظومة بدون فاعلية
الاستنتاج الرئيسي للتقرير أكد على أن غياب المجلس التشريعي قد أثر سلباً على عمل المؤسسات الرقابة كديوان الرقابة المالية والادارية وعلى أداء الحكومة، حيث ليس لدى الديوان أي سلطة علاجية أو عقابية حتى لو تمكن من اكتشاف التجاوزات، لأنه وفق النصوص القانونية بمثابة جهة تقوم بتقديم التوصيات ورفعها إلى المجلس التشريعي، والأخير هو من يقوم بمتابعة هذه التوصيات من خلال وسائله التي كفلها القانون.
أوصى التقرير بضرورة إجراء الانتخابات العامة "التشريعية والرئاسية" لتمكين المواطنين من حق اختيار ممثليهم في المؤسسات السياسية، وإعادة التوازن للنظام السياسي بوجود مجلس تشريعي يحظى بالشرعية الشعبية ليتمكن من القيام بأعماله من رقابة ومساءلة ومحاسبة وغيرها، وضرورة الالتزام بالقانون الأساسي حول إنشاء المؤسسات والهيئات وأن يبقى ذلك من صلاحيات مجلس الوزراء كما نصت المادة (69).
كما أكد على توصيات أمان السابقة فيما يتعلق بترشيق مؤسسات الدولة من خلال استكمال دراسة جدوى وجود هذا العدد الكبير من المؤسسات العامة ومدى امكانية الدمج بعضها ببعض أو الالغاء او تصويب أوضاعها، اضافة الى ضرورة وجود معايير واضحة تتعلق بتحديد تبعية كل مؤسسة وبالاستناد الى التشريعات الفلسطينية والالتزام بما نصت عليه في الممارسة.