رام الله- إبان جلسة استماع ومساءلة لرئيس ديوان الموظفين السيد موسى أبو زيد حول التعيينات في الوظائف العليا، دعا الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة - أمان الحكومة والرئاسة إلى وقف آليات التعيين المعمول بها حاليا للمناصب العليا والتي تتنافى ومبادئ القانون الأساسي التي تنص على المساواة والتنافس وتكافؤ الفرص، كما طالب الائتلاف مجلس الوزراء بإقرار بطاقات الوصف الوظيفي للفئات العليا والخاصة، والمصادقة عليها بدون تأخير وبدء العمل بها، إضافة الى مطالبته أيضا بوضع مشروع قانون أو إعداد نظام لإنشاء "لجنة جودة الحكم في القطاع العام"، تقوم بالنظر في تعيينات المرشحين للوظائف العليا (المدنية منها والأمنية) في القطاع العام، وتحديد الإجراءات المتعلقة بالمنافسة والإعلان عن الشواغر الوظيفية في الفئتين الخاصة والعليا، والنظر في الشكاوى المتعلقة بالتعيينات في القطاع العام، بالإضافة الى إعداد مدونة سلوك خاصة بالفئات العليا في القطاع العام تلزمهم في احد بنودها باتجاه نهج شفاف ونزيه وعادل في عملية التعيين في الوظائف العامة.
وقد عقدت الجلسة ضمن حملة #الاستحقاق_والجدارة التي يقودها الائتلاف، بهدف التعرف على أبرز التطورات في عمل الديوان والإنجازات التي تمت فيما يخص الوظائف العليا، بما يشمل نشر إعلانات التوظيف، وعقد مسابقات التعيين، ومدى الإحتكام لمعايير محددة وواضحة، وفعالية أنشطة الرقابة الرسمية على كافة مراحل العملية؛ وذلك من منطلق تعزيز مبدأ حق المواطنين في الإطلاع على المعلومات من مصادرها الصحيحة، واعتماد بطاقات الوصف الوظيفي التي عمل ديوان الموظفين على إنجازها ورفعها لمجلس الوزراء بهدف السيطرة على الوظائف العليا وتنظيمها وإخضاعها لإشراف ديوان الموظفين العام، للحد من حالات الفساد في إشغال وإدارة الوظائف العليا.
وقد شارك في الجلسة رئيس مجلس إدارة الائتلاف، الأستاذ عبد القادر الحسيني الذي افتتح الجلسة مثنيا على انفتاح رئيس ديوان الموظفين العام على المجتمع المدني والمساءلة المجتمعية، مؤكداً على أن الشفافية إذا ما كانت منقوصة؛ فإنها تدفع السياسيين الى الالتفاف على القانون، وإيجاد توليفات ومبررات بدل من الاقتداء بالمعايير والإجراءات الرادعة، مشدداً على أن أي استثناء يضفي عمومية بطرح القضية. وقد حضر الجلسة أيضا صحفيون وباحثون، وموظفون من القطاعين العام والخاص، ومؤسسات المجتمع المدني كمفتاح، ومركز الدفاع عن الحريات، إضافة الى مسؤولين ومدراء من ديوان الموظفين، والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وسلطة النقد الفلسطينية، وديوان الرئاسة، وهيئة تشجيع الاستثمار، وسلطة الأراضي، والصندوق الفلسطيني، وديوان الرقابة المالية والإدارية، صندوق النفقة الفلسطيني، المجلس الطبي، عدة وزارات، منها: وزارة الزراعة، وزارة الداخلية، وزارة شؤون القدس، وزارة العدل، ووزارة التربية والتعليم.
وأشار أمان في الورقة التي قدمها إن واقع الحال يشير إلى استمرار غياب الشفافية وعدم وضوح المعايير وتجاهل احترام مبدأ تكافؤ الفرص في تعيينات المناصب العليا وكبار الموظفين في الوظيفة العمومية للفئات العليا والفئات الخاصة، حيث جرت التعيينات دون منافسة عادلة، ولم تنشر إعلانات التوظيف في الصحف، ولم تعقد مسابقات للتعيين، وتمت التعيينات للفئات العليا بدون بطاقة الوصف الوظيفي. وبدون رقابة من جهة رسمية للتأكد من استيفاء المتقدمين لشغل تلك الوظائف للمعايير المطلوبة.
فقد شهد عام 2017، تعيين رئيس لمجلس القضاء الأعلى لمحكمة العدل العليا ونائب له دون التزام دقيق بأحكام قانون السلطة القضائية، وتم تعيين 8 وكلاء وزارات ومؤسسات عامة غير وزارية بدرجات متفاوتة في كل من وزارات الاقتصاد الوطني والمالية والتخطيط والسياحة والآثار والعمل والتربية والتعليم وديوان الرقابة المالية والإدارية وصندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية وهيئة الجدار والاستيطان، بالإضافة إلى 21 وكيلاً مساعداً في مؤسسات مختلفة دون مسابقة أو إعلان، وبالاستناد الى ترشيح من مسؤول الوزارة او المؤسسة الرسمية، وتم منح درجة الوزير 4 مرات خلال العام 2017 لكل من: رئيس سلطة الأراضي والمشرف العام على الإعلام الرسمي، ومستشار لرئيس الدولة لشؤون العلاقات الخارجية والدولية، ومستشار لرئيس الوزراء لشؤون الصناديق العربية والإسلامية، دون مرجع قانوني أو معايير تحدد كيفية منح هذه الرتب، وهي التزامات وامتيازات مالية للراتب والمعاش التقاعدي، وقد شهد ديوان الرئاسة عدداً من التعيينات والترقيات، حيث تمت ترقية 7 من موظفي الديوان إلى مدراء عامين، وثامن إلى وكيل مساعد، وتاسع إلى وكيل، دون آليات واضحة أو أي إعلان أو منافسة، أما في السلك الدبلوماسي، فقد صدرت 6 قرارات تعيين بدرجة سفير دون أي منافسة.
وكان ديوان الرقابة المالية والإدارية قد كشف في تقريره السنوي المنشور في العام 2017 عن وجود مخالفــــــات لأحكــــــام قــــــانون الســــــلك الدبلوماســــــي ولائحتــــــه التنفيذيــــــة، وعــــــدم الالتـــــزام بقـــــرار ســـــيادة الـــــرئيس وقرارات مجلس الوزراء بشأن التعاقد مع الخبراء والتعاقد مع موظفين خلافاً للقانون، وتمديـــــد العمـــــل بالســـــلك الدبلوماســـــي للســـــفراء بعـــــد بلـــــوغ ســـــن الســـــتين دون الالتـــــزام بالعمـــــل فـــــي الوزارة.
وقد ذكر المحامي بلال البرغوثي، المستشار القانوني للائتلاف على الثغرات المعمول بها فيما يخص إشغال المناصب العليا، أهمها السلطة التقديرية المعطى الى صانع القرار في عملية التعيين، حيث تخلو القوانين الناظمة لتعيين شاغلي المناصب العليا/ والخاصة من تحديد آليات التنسيب والاختيار، الأمر الذي يفتح المجال لتسييس إشغال هذه الوظائف، ومدخلا لانتشار الفساد، وبروز مظاهر المحسوبية والشللية والمحاصصة الحزبية في إشغالها، واستخدامها لضمان الولاءات الشخصية. كما أن تعدد المرجعيات القانونية للمؤسسات غير الوزارية وتشتت تبعيتها بين مجلس الوزراء صاحب الاختصاص وبين الرئاسة وبين منظمة التحرير الفلسطينية التي ألقت بظلالها على الإجراءات الخاصة بتعيين رؤسائها، ومكّن من تجاوز النصوص والإجراءات القانونية في هذه التعيينات. ناهيك عن التأخر في إقرار بطاقات الوصف الوظيفي للغالبية العظمى من التعيينات، ما يتبعه من عواقب كإسناد عدة وظائف لشخص واحد، وغياب معايير منح الدرجة لشاغل المنصب، ما أتاح لصانع القرار تقدير الدرجة وما يتبعها من امتيازات وحقوق مالية أرهقت الخزينة العامة، إضافة إلى عدم الوضوح في المسؤوليات والمهام الخاصة بهذه المناصب.
وقد استهل الوزير موسى أبو زيد كلمته معقبا على التطور الحاصل في الوظائف العمومية المتاحة أمام جميع المواطنين، موضحا أن نسبة الخلل الحاصل بتبوأ المناصب العادية العمومية ضئيل جدا مقارنة بالتحسن الموجود، إذ بلغت نسبة المنجز وفق المعايير والإجراءات 99.3%، وأن هناك 14 حالة تجاوز تتم معالجتها، كما نوّه لوجود 70 مدرب متخصص؛ يقومون بعدة تدريبات للموظفين الجدد حال توليهم مناصبهم ولمساعدتهم في شقّ طريقهم المهني، كما يشاركون المدراء في عملية تقييم موظفيهم في جميع مؤسسات الدولة.
أما بخصوص الوظائف العليا، فبلغت نسبة شغل المناصب العليا بمساواة واستناداً لمبدأ تكافؤ الفرص ووفقا للمعايير والإجراءات 97% حسب تصريح أبو زيد، موضحاً استناد الديوان في إجراءاته على قانون الخدمة المدنية، بالإضافة الى اللوائح الصادرة من مجلس الوزراء عام 2012 والتي تفيد بتنظيم العملية وتحديد المعايير فيما يخص تعيين المناصب العليا في الدولة، إذ يتوجب على الديوان أن يتبع ما جاء في المادة 17، وهو الحق في التنسيب للفئة العليا كالتالي: يحق لرئيس الدائرة الحكومية التنسيب لمجلس الوزراء، حيث يقوم بتنسيب من مضى على تبوئهم بمنصب الدرجة الأولى (أ) أكثر من 14-15 سنة، وتنطبق عليهم شروط إشغال الوظيفة الموضوعة في بطاقة الوصف الوظيفي المعتمد؛ بعدها يحال التنسيب الى اللجنة الإدارية المكوّنة من مجموعة وزراء مختصين، يقومون بدراسة التنسيب إذا ما جاوب على كل المعايير المعتمدة من مجلس الوزراء، ومن ثم إحالتها الى رئيس الوزراء، وبعدها الى الرئاسة للمصادقة عليها. ونفى أبو زيد بشكل قاطع وجود حالات تنسيب يسري عليها الإجراء المتبع ومن ثم يتم استبدال الأسماء بأخرى. أما بخصوص الموظفين الذين يحملون الدرجة الثانية (ب) و الثالثة (ج)، فيتوجب عليهم الخضوع لمسابقة، ومقابلات فنية في سبعة حقول معرفية، وبرنامج تدريبي يمزج بين العملي والنظري، وآخر خارج الوطن لمدة عام كامل من أجل استحقاقهم المطلوب.
وقد رفض أبو زيد التعقيب على تولّي إحدى بنات موظف من الدرجة العليا منصب مدير درجة ثالثة دون استحقاق، بعد الضجة التي حصلت مؤخراً على نشر مرسوم تعيينها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد عقب جهاد حرب، مدير البحوث في المجلس التشريعي على قضية إعادة التمديد لبعض الموظفين من وكلاء وزراء أو إعادة تعيينهم، بالرغم من تجاوزهم سن التقاعد، بينما هنالك آخرين ممن تطالهم سياسة التقاعد المبكر، وهم في الثلاثينات وفي أوج عطائهم، مشيرا الى أن بعض الوظائف ترتكز على الولاء، وأخرى تستند على الكفاءة، موضحا أن غياب المعايير الخاصة بالتعيينات وعدم شفافية الإجراءات، أدى إلى احتدام الصراع بين الطامحين لتولي المناصب العليا، وقضى على طموح بعض الموارد البشرية الداخلية في الوزارات، وهو ما فتح المجال أمام احتمالية إخضاع المرشحين للابتزاز.
فيما نفى أبو زيد تمديد عقود ممن بلغوا الستين من العمر، مشيرا أن قانون التقاعد أجاز لرئيس الدائرة الحكومية التعاقد مع المتقاعدين لمدة سنتين بدون تمديد، على أن يتم التقاعد بفرق الراتب بين راتبي الوظيفة والتقاعد، خلافا للتعاقد مع المتقاعد بكل قيمة الراتب التي كان يحصل عليها سابقا.
وقد أطلق الائتلاف هاشتاغ الحملة بعنوان #حملة_الاستحقاق_والجدارة في #المناصب العليا على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، منوّها استمرارها في الأشهر القادمة، والتي تهدف بشكل أساسي الى رفع وعي المواطنين حول إشكاليات إشغال الوظائف العليا في القطاع العام، وشبهات الواسطة والمحسوبية التي تنشأ تباعاً، وخرط المواطنين في المطالبة الجماعية لتبني سياسات واجراءات من قبل الجهات الرسمية، محددا مطالبته بإعداد نظام لإنشاء "لجنة جودة الحكم في القطاع العام"، والتي تنظر في تعيينات المرشحين للوظائف العليا، كذلك الى إقرار بطاقات الوصف الوظيفي للفئات العليا والخاصة والمصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء.