رام الله - دنيا الوطن
تقرير: عامر أبو عرفة
هذه المرة الثانية التي تفوز بها الصحافية الفلسطينية مجدولين حسونة من مدينة نابلس بجائزة عن تحقيق صحفي لها يكشف قضية فساد. فبعد فوزها بجائزة أفضل صحافية متقصية على مستوى الدول العربية لفئة الشباب العرب وحصولها على هذا اللقب من مؤسسة تومسون فاونديشن البريطانية ها هي مجدولين تتألق مرة أخرى وتفوز بالمرتبة الأولى على مستوى الوطن في مسابقة " إعلاميون في مواجهة الفساد" والتي نظمتها هيئة مكافحة الفساد بالتعاون مع مركز الإعلام في جامعة بيرزيت لتضع قضية جديدة وخطيرة على طاولة المسؤوليين من خلال عملها الإعلامي.
مجدولين حسونة، تلك الصحافية التي ارتبط اسمها مع المظلومين، كُتِبَ عنها في الإعلام أنها أشجع إعلامية فلسطينية على الإطلاق، وبعض الكُتاب العرب قالوا أنها صاحبة القلم والذراع الذي لا يلين، دائما تجدها على استعداد بالتضحية بوقتها وجهدها ومالها من أجل الحقيقة والقضية والوطن، صوتها بات صوتا فلسطينيا حرا لا لون له إلا لون الوطن بكامل أطيافه وأحزابه وكل ذلك بسبب ذكائها ومهنيتها العالية وشجاعتها.
تفوق وإبداع
أصبح لدى مجدولين خبرة طويلة في مجال التحقيقات الصحافية والتي تعمل بها منذ كانت طالبة في كلية الإعلام، فهي تجمع بين التفوق في الدراسة حيث كانت الأولى على كلية الإعلام مع مرتبة الشرف والتفوق في مجال العمل الإعلامي الذي أثبتت براعتها فيه من خلال تحقيقاتها وتقاريرها الصحافية والتي تتميز بالأسلوب الملفت والصياغة الدقيقة والكلمات القوية والجرأة في الطرح الأمر الذي جعل الكثير من الناس في كافة أنحاء المجتمع الفلسطيني يضع كامل ثقته فيها ويتوجه لها من أجل طرح قضاياهم في الإعلام، فمعها لن يضيع حق المظلومين.
صحفية جريئة وصحافة جبانة
رغم كل هذه المميزات لم تأخذ مجدولين حقها وقامت السلطة بمحاربتها بسبب ما تكتبه من مقالات وتحقيقات اجتماعية وسياسية. تعرضت لمحاولة اعتقال واستدعاءات واعتقلت أجهزة أمن الدولة أشقاءها من أجل الضغط عليها، فصلت من وظيفتها في جامعة النجاح الوطنية بسبب ضغط الأجهزة الأمنية على الجامعة، وحُرمت من منحة التفوق لإكمال الماجستير، ورفضت المؤسسات الحكومية توظيفها وحاربت الصحف الفلسطينية تحقيقاتها.
تقول مجدولين حسونة:" الصحف الفلسطينية ترفض نشر تحقيقاتي لأنه وعلى حد تعبيرها تجلب لهم المشاكل، وكل مرة يرفضون نشر تحقيق يفوز بجائزة، في المرة الأولى رفضوا نشر تحقيق يتعلق بالأخطاء الطبية وقال لي مسؤول إحدى الصحف بالحرف الواحد ( أنتِ صحفية جريئة ونحن صحافة جبانة) ففاز التحقيق بجائزة عالمية، والأمر نفسه تكرر هذه المرة أيضا حيث رفضت صحيفة القدس نشر تحقيق بالغ الخطورة رغم انبهار المحررين والعاملين بالصحيفة به وبقضيته من حيث الأسلوب والطرح. وفوز تحقيقاتي أكبر دليل على وجود مشكلة في صحافتنا الفلسطينية بالإضافة إلى عدم تقبل وجود ثقافة التحقيق الصحفي والإكتفاء بنقل الخبر دون معالجة المشاكل التي يترتب عليها".
قضية التحقيق
التحقيق الفائز بالمرتبة الأولى على مستوى الوطن جاء بعنوان "حليب بمفعول السموم .. موت بطيء للأطفال وتجارة للمسؤولين بالأرواح" ويتحدث التحقيق عن قضية فساد تدخل فيها منظمات دولية وجهات إسرائيلية وفلسطينية.
تقول مجدولين :" أنا أحمل كل المسؤوليين الفلسطينيين والقضاء مسؤولية التحقيق في هذه القضية، ولدي وثائق ومعلومات تدين الفاسدين. تحقيقي الصحفي عرض القضية بشكل موضوعي وتناول رأي جميع الأطراف، وعلى القضاء الفلسطيني وهيئة مكافحة الفساد ومنظمات حقوق الإنسان البحث في القضية، ولدي تفاصيل ومعلومات ووثائق تساعد على كشف عن المتورطين وسأطرحها للإعلام الدولي قريبا جدا".
وتضيف :" ضحية هذا الفساد المطروح بالتحقيق هم الأطفال ومن بينهم الطفل هادي خضرا من طول كرم والذي تضرر بسبب الحليب وبسبب متاجرة المسؤولين وأصحاب الشركات بأرواح الأطفال من أجل الأمول، وللعلم، التحقيق يكشف أيضا قضية رشوة بحال تم البحث في جوانبه بشكل جيد".
وتتابع:" أنا وعدت والد الطفل هادي بمتابعة قضيته، واستمر تحقيقي في الموضوع ما يقارب السنتين حتى حصلت على وثائق مهمة ومعلومات خطيرة، وأوجه شكري له لأنه لم يتخلى عن حق طفله رغم تهديده بفصله من عمله في وزارة الصحة أكثر من مرة".
تسلمت مجدولين شهادتها وجائزتها والتي هي عبارة عن دبلوم في التحقيقات الصحفية لمواجهة الفساد سيعقد في ماليزيا والنمسا لمدة ثلاثة شهور خلال حفل تخريج حضره نقيب الصحافيين عبد الناصر النجار ورئيس هيئة مكافحة الفساد رفيق النتشة، ونائب رئيس جامعة بيرزيت للشؤونالمجتمعية د.سامية حليلة ، ورئيس لجنةالعلاقات العامة والإعلام في المؤسسات الحكومية عبد السلام آسيا، وعميدكلية الآداب د.مهدي عرار، ومديرة مركز تطوير الإعلام نبال ثوابتة، إضافةللمدربين والمتدربين في الضفة الغربية، وقطاع غزة عبر تقنية السكايب.
وقدم منسق المراقبة والتقييم في مركز تطوير الإعلام عماد الأصفر مجموعة منالاستخلاصات المتمثلة بأن ّالتحقيقات الاستقصائية شكل صحفي ليس مطلوبالذاته وإنما لتحقيق أهداف أخرى – غير الشهرة - فالمسؤولية الأخلاقيةوالمجتمعية للصحافي يجب أن تقوده إلى استخدام الأشكال الصحفية الأخرىلتحقيق رسالته المجتمعية، وأضاف بأنه من الضروري إقرار قانون حق الحصولعلى المعلومات والى حينذاك أن تبادر الدوائر الرسمية بالتماهي مع بنودهالمحتملة عبر لوائح داخلية
.
وفاز بالمرتبة الثانية الصحفي عبدالهادي عوكل من غزة عن تحقيقه "غزة قنابل موقوتة قابلة للانفجار بأية لحظة "، وبالمرتبة الثالثة الصحفي محمد عثمان من غزة عن تحقيقه "هل تحوّلتبلدية غزة إلى دولة داخل القطاع.