غزة - وطن للأنباء:كشف مدير الإدارة العامة للشئون العامة والمنظمات غير الحكومية بوزارة الداخلية في غزة أيمن عايش، عن العديد من السرقات في مجال المساعدات الاغاثية للمواطنين بقطاع غزة.
وأكد عايش أنهم كشفوا الغطاء عن عدد من جرائم السرقة التي ارتكبها بعض أعضاء الجمعيات.
وقال:" اعتقلنا أحد أعضاء الجمعيات التي وصلتها مساعدات خاصة بالمنكوبين بعد وصول شكاوي تفيد بأنه يسرق من الجمعية التي يترأسها قريبه، وبعد التحقيق معه ثبت ذلك واستعدنا السرقات التي بلغت نصف ما وصل إلى الجمعية".
ولفت إلى بيع المساعدات وخاصة الطبية منها إلى الصيدليات جزءا من المخالفات التي يرتكبها القائمون على التوزيع، مشيرا إلى أن الغش في أسعار البضائع التي تشتريها الجمعيات للمتضررين كان بارزا.
وتابع:" إحدى الجمعيات التي راجعناها كتبت في الفواتير أسعارا خيالية لمنتجات متوسطة ومتدنية السعر اشترتها للمتضررين".
تبادر الى "المونيتور" الكثير من المعلومات حول التوزيع غير العادل للمساعدات الاغاثية التي تأتي على شكل معونات غذائية مثل الكوبونات او نقدية توزّع من قِبل العديد من المؤسسات.
محافظ مدينة رفح أحمد نصر، أحد من يشرفون على توزيع مساعدات نقدية بقيمة 300 شيقل (80 دولار)، تواصلنا معه لنستعلم عن أمر تلك المساعدات التي يتم توزيعها على المواطنين المتضررين في المدينة، كغيرها من مدن قطاع غزة.
وقال المحافظ إن الحكومة الفلسطينية هي مصدر تلك المساعدات، وأضاف :"هذه المساعدات توزّع على النازحين المسجلين وغير المسجلين في مراكز ايواء وكالة الغوث، وأخذنا سجل المسجلين من الوكالة، وقمنا بشطب الاسماء التي لا تستحق منهم، واضفنا اليهم من هُدم بيته بشكل كلي او جزئي او كان أحد سكان مناطق الخطر، او من تشكّل عليه خطر خلال الحرب".
على الرغم من تأكيد المحافظ نصر على أن مصدر الاموال حكومي، إلا أنه أشار إلى أن الاحزاب الفلسطينية بالمدينة شاركت في عملية تسجيل الاسماء والمراقبة والاشراف على التوزيع من خلال تشكيل لجنة من عدة اشخاص منتمين للاحزاب، وهذا ما يفسّر غضب الكثير من المواطنين واتهامهم للجهات المسئولة بتوزيع المساعدات محاصصة بين تلك الاحزاب.
ولمعرفة آلية وصول تلك المساعدات الى يد المحافظ ومن ثم الاحزاب الفلسطينية، تحدثنا الى وزير الشئون الاجتماعية في حكومة الوفاق الفلسطينية شوقي العيسة. حيث قال إنهم سلّموا الاموال لوزير العمل في غزة مأمون ابو شهلا من خلال اتفاقهم داخل الحكومة على تشكيل لجنة وزارية برئاسته".
ورغم وصول الاموال الى المواطنين باسم وزارة الشئون الاجتماعية في الضفة الغربية، إلا أنه ووفق تلك الالية يتم تجاوز الوزارة، وبرر الوزير العيسة الامر :"لم نرسلها الى وزارة الشئون الاجتماعية في غزة بسبب عدم تزويدنا من المسئولين فيها ببيانات عن كيفية توزيع المساعدات التي كنا نرسلها للقطاع حتى اللحظة، وبالتالي ارتأينا ان يتم توزيع تلك الاموال من خلال اللجنة والمسئول عنها الوزير ابو شهلا".
أما عن تهميش الوزارة من توزيع المساعدات، أكده وكيلها في قطاع غزة يوسف ابراهيم، اذ بيّن :"لا علم لنا بمبلغ الثلاثمائة شيقل، ولا يتم التواصل معنا بخصوصه".
راقبت المونتور عدد من كشوف الاسماء التي وزّعت عليها المساعدات النقدية في رفح وغيرها، لنُفاجأ بأنها وُزّعت على أكثر من فرد من العائلة الواحدة، على الرغم من تأكيد المحافظ احمد نصر بأنها توزّع فقط على أرباب العائلات المتضررة فقط.
اعترف نصر أن أحد الكشوف تضمّن خطأ آخر وهو تكرار تسليم المساعدات النقدية الى الشخص نفسه، مضيفا :"هناك 90 شخص استلموا المساعدات النقدية بشكل متكرر، وهذا الامر ليس بيدنا، فكان نتيجة مثلا كتابة الاسم باللغة العربية على اكثر من شاكلة، وبالتالي حدث خطأ، ونحن لا نتحمل مسئوليته"
الخطأ "غير المقصود" حسب وصف المحافظ أضاع نحو 27 الف شيقل بـ"غمضة عين"، بالاضافة الى تسليم المساعدات المالية لأكثر من فرد داخل الاسرة الواحدة، ناهيك عن دفعها لأشخاص بالاساس هم غير متضررين، كل ذلك مجتمعا أضاع مئات الالاف من الشواقل.
وأوضح نصر حين مواجهته بالمشاكل التي أودت الى اهدار تلك المساعدات أجاب :"هذه قلة أدب وفساد، وهي مشكلة الاشخاص الذين قاموا بجمع اسماء الاشخاص الذين ستشمهلم المساعدات، لكن لا نستطيع اتخاذ أي اجراء عقابي".
المستشار القانوني للائتلاف من اجل النزاهة والمسائلة- امان بكر التركماني، قال إنه وصل اليهم ما يقارب من مائتي شكوى من المواطنين المتضررين، وتتفاوت ما بين عدم وضوح في المعلومات او الاجراءات والمعايير الخاصة بتوزيع المساعدات، ما يعني أن عدد من الشكاوى تدخل في اطار شبهات الفساد".
وبيّن التركماني أنه يوجد العديد من شبهات الفساد في مجال المساعدات، مضيفا :"تعمل أمان على مجموعة من القضايا التي يشتبه في وجود فساد بها اثناء الحرب او بعدها، ومن ضمن القضايا نعد مذكرة حول موضوع توزيع مبلغ الثلاثمائة شيقل من قبل وزارة الشئون الاجتماعية بحكومة الوفاق والتي تمت عن طريق المحافظين وعدد من الاشخاص".
وأرجع التركماني إلى أن جزء كبير من الخلل وشبهات الفساد في عملية توزيع المساعدات يعود بشكل رئيسي الى غياب او عدم تنظيم او توحيد المعايير الخاصة بالتوزيع، ناهيك عن عدم الافصاح عن حجم المساعدات وآلية توزيعها، وفق قوله.
لا يُعرف على وجه الدقة حجم الاموال والمساعدات التي تدفقت الى قطاع غزة اثناء وبعد الحرب الاسرائيلية الاخيرة، اذ يقول مستشار التنمية المحلية غسان ابو منديل، والذي عمل مستشارا لعدد من المؤسسات الاغاثية في قطاع غزة، إن فجائية حدوث الحرب وعدم وجود استراتيجية للطوارئ للمؤسسات الدولية والمحلية، أدّت لحدوث ازمات انسانية، غير أن غياب منهجية واضحة لهذه المؤسسات وشروط اختيار المستفيدين ادى الى ضياع جزء كبير من الاثر لتلك المساعدات، وفق قوله.
وأضاف :"في ظل انعدام التشبيك بين المؤسسات خلال الحرب، وضعف الرقابة من الوزارات المعنية، استفادت الكثير من الاسر بشكل ازدواجي من عدة جهات لاكثر من مرة خلال فترة قصيرة، ما ادى الى ضياع فرص لاسر محتاجة وانزعاج المواطنين من الامر".
وشدد ابو منديل على أن تلك العوامل شكلت نوعا من التضليل على حجم الاموال والمساعدات الحقيقية التي دخلت القطاع خلال الحرب وبعدها، مبينا :"لذلك لا يمكن قياس اثر هذه المساعدات الا بعد انتهاء الاعمار".
واتهم ابو منديل بعض المؤسسات العاملة في قطاع غزة والتي تلقّت مساعدات اغاثية من جهات دولية مانحة بالاحتيال، واصفا التقارير المالية التي كانت تعطيها تلك المؤسسات للجهات المانحة بـ"المتلاعب بها".
نقلاً عن "المونيتور"
- See more at: http://www.wattan.tv/ar/news/110107.html#sthash.rPCLcv4w.dpuf